AHMED MANGESTO Member
سجل فى : 11/02/2009
المساهمات : 967 العمر : 36 التقييم : 2
| | الموسوعة الكاملة لعالم الملائكة | |
بســم الله الرحمــن الرحيــم
إن الحمد لله تعالى نحمده ونســتعينه ,, ونسـتغفره ,, ونعـوذ بالله من شــرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسولـه
[ يـا أيـها الذين آمنـوا اتقوا الله حق تقاته ولا تمـوتن إلا وأنتـم مســلمون ]
[ يـا أيـها النـاس اتقوا ربكم الذي خلقـكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيـرا ونســاء واتقوا الله الذي تســاءلون به والأرحـام إن الله كان عليكــم رقيـبــا ]
وبـعــد
فإن الإيمان بالملائكة من أركان الإيمان الستة ,, ولا يتـم إيمان العبد حتى يؤمن بهذا الركــن
قال البيهقي : " والإيمـان بالملائـكــة ينتظـم معانـي :
أحــدهــا : التصــديق بوجودهــم
والآخــر : إنـزالهم منازلهم وإثبات أنهم عباد الله وخلقه كالإنـس والجـن ,, مأمورون مكلفون لا يقدرون إلا على ما يقدرهـم الله تعالى عليه ,, والموت جائز عليهم ولكن الله تعالى جعل لهم أمدا بعيدا ,, فلا يتوفاهم حتى يبلغوه ,, ولا يوصفون بشـيء يؤدي وصفهم به إلى إشــراكهم بالله تعالى جدّه ,, ولا يُدعون آلهة كما ادعتهم الأوائـل .
والثـالـث : الاعتـراف بأن منهم رسـل الله يرســلهم إلى من يشــاء من البشــر
وقد يجــوز أن يرسـل بعضـهم إلى بعض ويتبع ذلك الاعتـراف بأن منهم حملة العرش ,, ومنهم الصافون ومنهم خزنة الجنة ,, ومنهم خزنة النار ,, ومنهم كتبة الأعمال ,, ومنهم الذين يسوقون السحاب ,, وقد ورد القرآن بذلك كله أو بأكثره ,,, قال الله تعالى في الإيمــان بهم خـاصـــة :
[ آمـن الرســول بما أنـزل إليه من ربه والمؤمنــون كل آمـن بالله وملائـكــته وكتبه ورســله ]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه وسلم سـئل عن الإيمـان فقال :
( أن تؤمـن بالله وملائـكــته وكتبــه ورســـله )
والله تعالى أســأل أن يوفقنـا إلى ما يحبـه ويـرضــاه
وصلى الله وسـلم على رســولنا وحبيبـنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من تبعهم بإحسـان إلى يوم الديــن
اصل الملائكة
الملائـكــة : جمع ملأك ,, نقلت حركة الهمزة فيه إلى الســاكن قبله ,, ثم حذفـت الألـف تخفيفـا فصـارت ملكـا وهـو مشـتق من كلمة الألوكـة التي هي الرســالة ,, والجمع ملائك وملائـكــة
أصل المادة التي خلقت منها الملائكة هي ( النـور ) فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( خـلـقـت الملائـكة مـن نـور و خلق الجــان من نــار وخلق آدم ممـا وصــف لكــم ))
وأخرج ابن جرير وأبو حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي العالية قال : " إن الله تعالى خلق الملائكـة يوم الأربعاء وخلق الجـان يوم الخميـس ,, وخلق آدم يوم الجمعة ,, فكفر قوم من الجن ,, فكانت الملائكـة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم فكانت الدماء وكان الفسـاد في الأرض ,, فمن ثم قالوا : ( أتجعل فيها من يفســد فيها ويســفك الدمـاء ) "
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إن الله تعالى خلق الجنة قبل النار ,, وخلق رحمته قبل غضبه ,, وخلق السماء قبل الأرض ,, وخلق الشمس والقمر قبل الكواكب ,, وخلق النهار قبل الليل ,, وخلق البحر قبل البر ,, وخلق البر والأرض قبل الجبال ,, وخلق الملائكـة قبل الجن ,, وخلق الجن قبل الإنـس ,, وخلق الذكـر قبـل الأنثـى "
الملائكة وآدم عليه الصلاة والســلام
قال تعالى : (( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون * وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون * وإذ قلنا للملائكة اســجدوا لآدم فسجدوا إلا إبلـيـــس أبى واســتكبر وكــان من الكافـــرين ))
من خلال هذه الآيات الكريمات أمــور لابد من بيانها وهي :
أولا : نسمع من بعض الناس يقولون ( إن الإنسان خليفة الله في الأرض ) ويستدلون لقولهم هذا بقول الله تعالى :
(( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة )) ,, وهذا استدلال خاطئ بالآية الكريمة وذلك أن الخليفة هو من يقوم عن المخلوف عنه في حال غيابه أو موته وهذا المعنى لا يتحقق في حق الله سبحانه قطعا ,, بل الصواب أن الله تعالى هو الذي يخلف الإنسان إذا غاب كما كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء السفر : (( اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهــل )) ,, ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن المسيح الدجال قال لهم : (( إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه , وان يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم )) ولما ولى أبوبكر الصديق رضي الله عنه الخلافة قال بعض الصحابة : ( يا خليفة الله !! فقال أبوبكر رضي الله عنه : بل يا خليفة رسول الله وحسبكم ذلك )
أما معنى قوله تعالى : (( إني جاعل في الأرض خليفة )) فقد قال ابن كثير رحمه الله : " أي قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل كما قال تعالى : ( هو الذي جعلكم خلائف الأرض ) وقال : ( ويجعلكم خلفاء الأرض )
وقال : (( لو نشاء لجعلنـا منكم ملائـكة في الأرض يخلفـون )) وقال : (( فخلف من بعدهم خلف )) وليس المراد ههنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط كما يقوله طائفة من المفســـرين "
الأمر الثاني : متعلق بقول الملائكة لرب العزة : (( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )) قال القاسمي رحمه الله : " فإن قلت : من أين عرف الملائكة ذلك حتى تعجبوا منه , وإنما هو غيب ؟ أجيب : بأنهم عرفوه إما بعلم خاص أو بما فهموه من الطبيعة البشرية . فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف (( من صلصال من حمأ مسنون ))
أو فهموا من ( الخليفة ) أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن المحارم والمآثم
قال العلامة ابن برهان الدين في تفسيره : " وما يقال من أنه كان قبل آدم عليه السلام من الأرض خلق يعصون , قاس عليهم الملائكة حال آدم عليه السلام كلام لا أصل له . بل آدم أول ساكنيها بنفسه "
قال ابن كثير رحمه الله : " وقول الملائكة هذا ليس على وجه الإعتراض على الله ولا على وجه الحسد لبني آدم كما يتوهمه بعض المفسرين , وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول " أي : لا يسألونه شيئا لم يأذن لهم فيه وههنا لما أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقا .. قال قتاده : وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون فيها . فقالوا (( أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء )) ,, وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك يقولون : يا ربنا ما الحكمة من خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ,, فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك , أي : نصلي لك .. أي : ولا يصدر منا شيء من ذلك وهلا وقع الإقتصار علينا ؟ قال الله تعالى مجيبا لهم عن هذا السؤال : (( إني أعلم ما لا تعلمون )) أي : أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم ,, فإني سأجعل فيهم الأنبياء وأرسل فيهم الرسل ,, ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزُهَّاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رســله صلـوات الله وسـلامه عليـهـم "
الأمر الثالث : متعلق بقول الله تعالى : (( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين . قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم . قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمــون ))
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : " هذا مقام ذكرالله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم وهذا كان بعد سجودهم له ,, وإنما قدم هذا الفصل على ذاك لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة حين سألا عن ذلك فأخبرهم تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون ,, ولهذا ذكر الله هذا المقام عقب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فُضِّلَ به عليهم في العلم .. فقال تعالى : (( وعلم آدم الأســــمـاء كلــــها ))
قال القرطبي : اختلف العلماء في هذا الباب أيهما أفضل الملائكة أم بنــو آدم ؟؟ على قوليــن :
فذهب قول إلى أن الرسل من البشر أفضل من الرسل من الملائكة ,, والأولياء من البشر أفضل من الأولياء من الملائكة ,, وذهب آخرون إلى أن الملأ الأعلى أفضل .. احتج من فضل الملائكة بأنهم (( عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون )) ,, (( لا يعصـون الله مـا أمــرهم ويفعلون ما يؤمرون )) وقوله : (( لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربـون )) وقوله : (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك )) ,, وفي البخاري يقول الله عز وجل : ( من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) ,, وهذا نص .. واحتج من فضل بني آدم بقوله تعالى : (( إن الذين آمنـوا وعملوا الصالحات أولئـك هم خيـر البـرية )) بالهمز من برأ الله الخلق ,, وقوله عليه السلام : (( إن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم )) الحديث ,, وبما جاء في أحاديث من أن الله تعالى يباهي بأهل عرفات الملائكة , ولا يباهي إلا بالأفضل .. والله تعالى أعلم
وقال بعض العلماء : " ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة ولا القطع بأن الملائكة خير منهم
لأن طريق ذلك خبر الله تعالى وخبر رسوله أو إجماع الأمة وليس هاهنا شيء من ذلك "
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن صالحي البشر أفضل من الملائكــــة
وطالما أن هذه المسألة لم يرد نص قاطع يحسم الخلاف فيها كما قال القرطبي ,, فأن الإمساك عليها أولى من الخوض فيها ولا سيما أنها مسألة لا يتوقف عليها عمل بالنسبة للمسلم .. والله تعالى أعلم
وهذا ما ذهب إليه شارح الطحاوية فقد قال : " وقد تكلم الناس في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر ,, وينسب إلى أهل السنة تفضيل صالحي البشر والأنبياء فقط على الملائكة ,, والى المعتزلة تفضيل الملائكة . وأتباع الأشعري على قولين : منهم من يفضل الأنبياء والأولياء ,, ومنهم من يقف ولا يقطع في ذلك قولا .. وحكى ذلك عن غيرهم من أهل السنة وبعض الصوفية ,, وقالت الشيعة : إن جميع الأئمة أفضل من جميع الملائكة . ومن الناس من فصَّل تفصيلا آخر ولم يقل أحد ممن له قول يؤثر إن الملائكة أفضل من بعض الأنبياء دون بعض .
والشيخ رحمه الله لم يتعرض إلى هذه المسألة بنفي ولا إثبات , ولعله يكون قد ترك الكلام فيها قصدا , فإن الإمام
أبا حنيفة رضي الله عنه وقف في الجواب عنها على ما ذكره في " مآل الفتاوى " فأنه ذكر مسائل لم يقطع أبوحنيفة فيها بجواب , وعدّ منها : التفضيل بين الملائكة والأنبياء وهذا هو الحق , فأن الواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين وليس علينا أن نعتقد أي الطريقين أفضل فإن هذا لو كان من الواجب لبين لنا نصا وقد قال تعالى : (( اليوم أكملت
لكم دينكم )) (( وما كان ربك نســيا )) ,, فالسكوت عن الكلام في هذه المسألة نفيا وإثباتا والحالة هذه أولى
الأمر الرابع : متعلق بقول الله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) فما معنى السجود المذكور في الآية ؟؟
والجواب : أن السجود كان لآدم بأمر الله , وهذا إكرام من الله لآدم بأن أسجد له ملائكته , فكانت الطاعة لله والسجدة لآدم إكراما له .. وقد خالف البعض فيما ذكر وذكروا أقوالا أخرى ولكنها كلها ضعيفة مردودة
قال الألوسي رحمه الله : " السجود في الأصل تذلل مع انخفاض بانحناء وغيره , وفي الشرع : وضع الجبهة على قصد العبادة وفي المعنى المأمور به هنا خلاف , فقيل : المعنى الشرعي , والسجود له في الحقيقة هو الله تعالى , وآدم إما قِبّـله أو سبب واعترض بأن لو كان ما امتنع إبليس , وبأنه لا يدل على تفضيله عليه السلام عليهم
وقوله تعالى : (( أرأيتـك هــذا الــذي كــرمــت عــليّ ))
يدل عليه . ألا ترى أن الكعبة ليست بأكرم ممن سجد إليها , وأجيب بالتباس الأمر على إبليس , وبأن التكريم يجعله جهة لهذه العبادة دونهم ولا يخفى ما فيه من الدلالة على عظمة الشأن , كما في جعل الكعبة قبلة من بين سائر الأماكن ,, ومن الناس من جوّز كون المسجود له آدم عليه السلام حقيقة مدعيا أن السجود للمخلوق إنما منع في شرعنا ,, وفيه أن السجود الشرعي عبادة , وعبادة غيره سبحانه شرك محرم في جميع الأديان والأزمان , ولا أراها حلت في عصر من الإعصار
وقيل : المعنى اللغوي , ولم يكن فيه وضع الجباه ,, بل كان مجرد تذلل وانقياد , فاللام إما باقية على ظاهرها , وإما بمعنى إلى مثلها في قول حسان رضي الله عنه :
أليــس أول مـن صلى لقبلـتكم وأعــرف النـاس بالقـرآن والسـنن
أو للسببية , مثلها في قوله تعالى : (( أقـم الصـلاة لـدلـوك الشـمـس )) ,, وحكمة الأمر بالسجود إظهار الاعتراف بفضله عليه السـلام .. قال ابن كثير رحمه الله : " قال قتادة في قوله تعالى : (( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم )) فكانت الطاعة لله والسـجدة لآدم أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته " .. وقال بعض الناس : " كان هذا سجود تحية وسلام وإكرام كما قال تعالى : (( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا )) , وقد كان هذا مشروعا في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا " .. قال معاذ : " قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وعلمائهم فأنت يا رسول الله أحق أن يسجد لك , فقال : ( لا : لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ) " .. ورجحه الرازي . وقال بعضهم : " بل كانت السجدة لله وآدم قبلة فيها كما قال تعالى : (( أقم الصــلاة لـدلـوك الشــمـس )) , وفي هذا التنظير نظر والأظهر أن القول الأول أولى والسجدة لآدم إكراما وإعظاما واحتراما وسلاما وهي طاعة لله عز و جل ,, لأنها امتثال لأمره تعالى . وقد قواه الرازي في تفسيره وضعف ما عداه من القولين الآخرين وهما كونه جعل قبله إذ لا يظهر فيه شرف , والآخر أن المراد بالسجود الخضوع لا الانحناء ووضع الجبهة على الأرض وهو ضعيف كما قال " .. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما السجود فشريعة من الشرائع ,, إذ أمرنا الله تعالى أن نسجد له ولو أمرنا أن نسجد لأحد من خلقه غيره لسجدنا لذلك الغير ,, طاعة لله عز و جل . إذ أحب أن نعظم من سجدنا له , ولو لم يفرض علينا السجود لم يجب البتة فعله ,, فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له , وقربة يتقربون بها إليه ,, وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم "
الأمر الخامس : هــل كــان إبليــس مــن الملائــكــة ؟؟
ذهب البعض إلى أن إبليس كان من الملائكة , ودليلهم على ذلك : أن الله قد استثناه من الملائكة في قوله : (( وإذ قلنـا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر )) ,, وذكر بعضهم أن إبليس كان طاووس الملائكة , وأنه كان من الملائكة ,, ذوي الأجنحة الأربعة وكان من أشراف الملائكة ,, وأنه كان من أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجنّة , وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما , وكان اسمه عزازيل ثم أبلس بعده إلى آخـر مـا ذكــروا
والصواب : " أن إبليس . لعنه الله . لم يكن من الملائكة قط , وذلك للنصوص المصرحة بأصل خلقته وأنه خلق من نار وان الملائكة خلقت من نـور ,, فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( خلقت الملائكة من نـور وخلق الجـان من نـار وخلق آدم ممـا وصف لكـم )) وقال تعالى : (( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه )) ففي هذه الآية بيّن الله عز و جل أن إبليس من الجن وليس من الملائكة
وقال الحسن البصري : " ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وانه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنــس "
وقال الزهري : " ابليـس مـن الجن وهو أبـو الجـن كما أن آدم مـن النـاس وهـو أبـو النــاس "
وأما استثناء إبليس من عموم الملائكة ,, فذلك لأن الأمر بالسجود كان موجها إلى الملائكة والجن , وإنما جاء القرآن بذكر الملائكة فقط اكتفاء بذلك الأشرف , وذلك كما تقول : سـار خلف نعش الزعيم الوزراء والأمراء والكبراء مع أن هذا لا ينفي أنه سار خلفه طبقات العمال والفلاحين والتلاميذ
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن إبليس كان من الملائكة باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله ولا باعتبار مثاله ,, وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي فيه : (( فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ومالي لا أبكي أنا أحق بالبكاء لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة وما أدري لعلي ابتلى بمثل ما ابتلي به هاروت وماروت , قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل عليه السلام .. )) إلى آخر الحديث فهذا حديث ضعيف لا تقوم به حجة ,, فقد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلام الطويل وهو مجمع على ضعفه
مــن أركــان عقيــدة المـؤمــن
الإيـمـــان بالملائـكـــة
قبل البحث في هذا الركن من أركان العقيدة نقدم بيان الحقائق الثـلاث التاليـة :
الأولى : أن الكون كله ينقسـم إلى غيـب ,, وشــهادة .
فالغيب : ما غـاب من الموجودات عن أعين الناظرين ,, وإن كانت حقيقة مخصلة في صدورهم لا تغيب عن خواطرهم وذلك ككل الموجودات الأرضيـة والســماوية ..
والشـهادة : خلاف الغيب وهي كل ما كان من الموجودات أمام نظر الإنســان يشـاهده ويراه ,, أو كان بحيث يدركه بإحدى حواسه التي هي الســمع , والبصـر , واللمـس , والشــم , والذوق
الثانية : أن الإنسـان بحكم طبيعة الحياة مقدر له الإيمان بالغيب مفروض عليه ,, لا يسـتطيع التخلص منه بحال من الأحوال اللهم إلا إذا سَـفِه نفسه ,, وأراد التخلي عن كرمته الآدمية ,, وعن شرفه الإنساني ليصبح بعد ذلك حيوانا هابطا لا خير فيه ,, أو آلة صماء لا وعي لها ,, ولا إدراك !!! وذلك لأن الإنسان كائن متحيز متى وُجد في مكان استحال عليه أن يوجد في مكان آخر مع بقائه في مكانه الذي هو فيه ,, ومن هنا ستصبح سائر الأمكنة التي تخلو منه بعده عنها غيبا له ,, وليست بشهادة عنده ولا بد له من أن يؤمن بها ,, وبما فيها من أشياء جواهر وأعراض ,, متى وجدت آثار تدل على ذلك ,, أو أخبار صادقة تنبىء به ... ثم إن حواس الإنسان التي يحصل له العلم بها محدودة القوة محصورة الإدراك في مجال معين لا تتعداه ,, فسمعه مقيد في السماع بالأصوات العالية فإذا انخفضت إلى درجة معينة تعذر عليه أن يسمع ,, وبصره مقيد برؤية الأجسام الكبيرة فإذا صغرت ودقت وبلغت حدا معينا من الصغر والدقة عجز عن رؤيتها ,, ولمسه كذلك فإنه يحس بالأجسام الكثيفة ,, فإذا خفت انقطع إحساسه بها ,, وحتى عقله فإنه يكل عن إدراك أشــياء معقولة ,, ويعيا عن تصورها تماما
من هنا كان لا بد للإنسان من الإيمان والتصديق بأشياء لم يشاهدها ولم يحس بها بأية حاسة من حواسه ولم يدرك حتى تصورها بعقله ولا خيار له في ذلك إذا أراد أن يقيم لكرامته وزنا ولقيمته قدرا من الاحترام والتقدير وكيف تُنكر
هذه الحقيقة ونحن نرى أن الإنسان يعيش في بلد ما ولم يخرج منه أبدا وهو يؤمن بعشرات البلاد ويصدق بوجودها وهو لم يرها ولم يـر مـن رآهـا قـط كما نرى إنسانا آخر لم ير الفيل طول حياته وهو يؤمن بوجود هذا الحيوان الذي لم يره ولم ير من رآه أبدا ونرى ثالثا يؤمن بالجاذبية إيمانا جازما ومن المعلوم أن الجاذبية مما لا يُرى ولا يشاهد أبدا
ونجد رابعا وُلد ولم يعرف والده لموته قبل ولادته وهو يؤمن بأن له والدا ولا ينكر ذلك بحال ,, ولذا كان من المضحكات
أن يدعى إنسان أنه لا يؤمن بالغيب أو أنه يستطيع أن يعيش في هذه الحياة بدون الإيمان بالغيب
الثالثـة : أن الإنسـان يكتسـب علمه بالموجودات عن طريق عقله وحواسه معا ,, فبعقله يدرك سائر التصورات العقلية وبالحواس يدرك سائر الماديات من مرئي ومسموع ومحسوس ومشموم ومطعوم ,, فبالعقل أدرك فضيلة الصدق ورذيلة الكذب وبالعقل أدرك المستحيلات ككون الشيء إذا وجد في مكان لا يوجد في غيره , والواجبات ككون الجسم لا بد له من حيز يشغله وككون المصنوع لا بد له من صانع ,, والجائزات ككون المريض قد يشفى وقد لا يشفى والغائب قد يعود وقد لا يعود
وبحاسة البصر أدرك المرئيات أطوالها وأعراضها وصفاتها ,,, وبالسمع أدرك الأصوات وفرّق بينها وأدرك الأخبار ومدلولاتها وبالذوق أدرك سائر الطعوم وعرف حلوها ومرها وحامضها وسامجها ,, وبالشم أدرك سائر الروائح طيبها وكريهها وباللمس أدرك الأجسام وفرق بين خشنها وناعمها وخارها وباردها
هذه طرق اكتساب الإنسان لعلومه ومعارفه ( العقل والحواس ) وهو مستعد دائما للحصول على المعارف بواسطتها إن الإنسان يتعقل الشيء ثم يصدر حكمه عليه بالإثبات أو بالنفي , بالوجوب أو الاستحالة أو الجواز ,, وينظر إلى الشيء فيحكم عليه بالطول أو القصر , بالبياض أو السواد ويسمع الصوت فيحكم بأن المسموع صوت كذا وكذا ... الخ
وهكذا يتحصل الإنسان على معرفته بالموجودات بقسميها : الغيب والشهادة بواسطة العقل والحواس بيد أن ما كان من الموجودات غيبا محضا فإن طريق الحصول علة معرفته والإيمان به هو السماع به أو مشاهد آثاره الدالة عليه
فالمرء إذا أخبره أحد أن فلانا مات , أو سافر , أو قدم من سفر , وكان بعيدا عنه لا تمكنه رؤيته حصل له العلم بحاله من موت أو سفر أو قدوم منه ,, حصل بواسطة الخبر الذي تلقاه عن غيره من عقلاء الناس ,, والمرء قد يمر بأرض فيجد بها سيولا تجري , وشعابا طافحة بالماء فيعلم فورا أن مطرا قد نزل بتلك الأرض ,, وإن لم يشاهد نزوله ولم يخبره بنزوله أحد ,, وإنما حصل له علم به بواسطة الأثر ,, وهو سيلان الأودية وامتلاء الشعاب ,, وقد يمر الإنسان بمكان ما فيشم روائح طيبة فيعلم أن هناك عطارا , أو أشجارا من ذوات الروائح الطيبة ,, وإن لم ير ذلك بعينه ,, ولم يخبره به أحد من الناس ,, وهكذا يؤمن الإنسان بالغيب , ويحصل فيه على اليقين الكامل بواسطة خبر الثقات , أو آثار الأشياء التي آمن بها , وصدق بوجودها لدلالة آثـارهــا عليــها
ومن هنا كان الإيمان بوجود الملائـكــة أمرا معقولا ,, ومطلبا سهلا ميسـورا ,, فالملائـكــة وإن كانوا غيبا فقد دل على وجودهم الدليل الذي تثبت به كل الموجودات الغيبية عند الإنسان ,, والذي هو خبر الثقات , وآثار الموجودات , ونزيد هذه الحقيقة توضيـحــا فنـقــول :
أليس الإنسان العاقل يخبره ذو صدق بحدوث كذا أو كذا من الممكنات فيصدقه في خبره , ويعتقد صحة ما أخبره به ؟
أليس الإنسان العاقل يسمع صوتا بعيدا عنه لم ير مصدره فيؤمن بذي الصوت , ويصدق بوجوده كأنه رآه وشاهده ؟
أليس الإنسان العاقل يجد كرسيا قد وضع في غرفة فيعلم أن هناك أحدا قد وضع هذا الكرسي وأعده للجلوس عليه وإن لم ير من فعل ذلك ؟ أليس الإنسان العاقل إذا رأى كتابا يعلم فورا أن هناك أحدا أملى هذا الكتاب وأن آلة قد طبعته ولا يشك في ذلك ولا يتردد أبدا ؟
وحصول هذه التقنيات له كانت كلها من طريق الخبر والأثر ,, وهما الدليل العقلي للإيمان بكل الغيوب ,, ولهذا سوف نتكلم عن الملائكة بملء الفم ونقرر أن وجودهم يقيني ,, وحقيقة ثابتة لا يقوي عاقل على إبطالها أو نفيها ,, أما الذين كفروا بربهم وتنكروا لعقولهم وهبطوا من سماء كرامة آدميتهم فأصبحوا لا يؤمنون بشيء حتى بوجودهم فإنا لا نقيم لهم وزنا آمنوا أو كفروا صدقوا أو كذبوا ,,, وهذا هو دليل وجود الملائكة عليهم السلام وهو الدليل الذي قدمنا أنه بواسطته آمن العقلاء بكل غيب تعذر أن يكون من قسم الشهادة , والدليل كما سبق أن عرفناه يتكون من عنصرين : الأول : الأخبار , والثاني : الآثـار
الإخبـــــار
أولا : أخبار الله تعالى رب العالمين وخالق الملائـكــة والجن والناس أجمعين وكفى بما يخبر به تعالى دليـلا إذ الخالق أعلـم بـمــا خلـق ,, ومن إخبــاره تعالى قــولــه :
(( وإذ قـال ربـك للملائـكــة إني جاعــل في الأرض خليفــة قـالــوا أتجعل فيها من يفســد فيها ويســفك الدمــاء ونحـن نســـبح بحمـدك ونـقــدس لك ))
فقد تضمن هذا الخبر وجود الملائكة ومخاطبة الله تعالى لهم ومخاطبتهم له سبحانه وتعالى وهو دليل قاطع على وجود الملائكة .
وقــولــه تـعـالـى :
(( وإذ قلنا للملائـكــة اسجـدوا لآدم فسـجدوا إلا إبليـس أبى واسـتكبر وكان من الكـافـرين ))
ففي هذا الخبر أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم , وأنهم سجدوا إلا إبليس أبى وهل يؤمر ويمتثل غير موجود ؟!
وقـولـه تـعـالــى :
(( لن يسـتنكف المسـيح أن يكون عبـدا لله ولا الملائـكــة المقـربــون ))
ففي هذا الخبر أن الملائكـة المقربين لا يستنكفون من عبادة الله ولا يستكبرون وهل يستنكف ويتكبر غير موجود ؟؟
وقـولـه تـعـالــى :
(( وجعلــوا الملائـكــة الذين هـم عبـاد الرحمـن إنـاثـا أشـهدوا خلقـهــم ))
وفي هذا الخبر ينكر تعالى ,, ويعيب على المشركين دعواهم أن الملائكة إناث حيث قالا ما ليس لهم به علم ,, فهل يعقل أن يعاب أو ينــكـر على غيــر موجــود ؟
وقـولـه تـعـالــى :
(( وكم من ملك في السماوات لا تغني شــفاعتهم شــيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشــاء ويـرضــى ))
ففي هذا الخبر أن كثيرا من الملائكة لا تغني شفاعتهم عن أحد شيئا ,, وهل يشفع أو لا يشفع غير موجــود ؟
وأخيــرا فهل هذه الأخبار الإلهية عن الملائكة وهي كثيرة جدا ,, وكلها تتحدث عن صفاتهم وأحوالهم وعباداتهم وأعمالهم لا تدل على وجود الملائـكــة ,, دلالة تُكـســب اليقيـن ,, اللهم بلى
ثانيــا : أخبار الرسـل عليهم الصلاة والسلام , وتحدثهم عنهم , ووصفهم لهم , وتلقيهم الوحي بواسطتهم وهي كثيرة فلنكتف منها بما تواتر عن خاتم الرسـل وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم قوله : ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صـورة ) ,,, وقوله : ( إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنـو آدم ) , وقوله : ( إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ) وقال : ( إذا أمن الإمام فأمنوا فإن الملائكة تؤمن , فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ,,, وكان يقول في دعائه : ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل , فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة , أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون , إهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشــاء إلى صــراط مســتقيـم )
كما أخبر صلى الله عليه وسلم ,, وتحدث عن ملك الموت وأعوانه , وعن الروح وعن ملكي القبر , وعن الحفظة والكرام الكاتبين , وعن رضوان خازن الجنان , وعن مالك خازن النيران , وغيرهم من الملائكة في أحاديث متواترة صحيحة , فكيف يسوغ عقلا , أو يصح منطقا وذوقا أن تبلغ الإنسان هذه الأخبار الإلهية والنبوية , وهي أصح خبر في الوجود ولا يؤمن بالملائكــة ولا يصـدق بوجــودهــم ... اللهم لا ! ؟
الآثـــــار
آثار الملائكة الدالة عليهم دلالة قطعية كثيرة جدا نكتفي بطرف منها فنقول : هذا القرآن الكريم كتاب الله بين أيدينا سوره العديدة وآياته الكثيرة , وعلومه ومعارفه وإعجازه أثر من آثار الملائكة إذ تلقاه المنزل عليه صلى الله عليه وسلم بواسطة ,, ولم يكن من الله مباشرة فما هي الواسطة ؟ إنها جبريل عليه السلام كما أخبر بذلك مرسله ومنزله في قوله : ( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبـك لتكــون من المنـذرين بلســان عربـي مبيـن )
وهذا ملك الموت الذي يتخطفنا يوميا فيأخذ أرواحنا ,, وينهي بأخذها حياتنا ,, ويفصلها عن أجسامنا فتعدم الحياة فهل يشترط للتصديق به رؤيتنا له ؟ وآثار فعله فينا لا تنكر ؟ اللهم لا .. ولو سألنا خالقنا وقلنا من يتوفانا ؟ لكان الجواب :
(( قل يتوفاكــم ملك المــوت الذي وكـل بكـم ثم إلى ربكــم ترجعــون ))
ثم إن كلا من جبريل وملك الموت عليهما السلام قد رؤيا عيانا غير مرة وهما من أعاظم الملائكة فجبريل قد دخل مرة المسجد وعشرات المصلين حاضرون ,, فانتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس فجلس إليه , وأسند ركبتيه إلى ركبتيه , ووضع يديه على فخذيه , وأخذ يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجيبه , فسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان وأشراط الساعة ,, وكان ساعتئذ في صورة رجل ,,, كما أن ملك الموت قد تواترت الأخبار برؤيته عند دونه من المريض لقبض روحه ,, فكم من مريض تحدث بذلك , وأخبر به قبل وفاته بفترة زمنية ثم يمــوت
وبعد فإنه لم يبق بنا حاجة إلى سرد المزيد من الأدلة على وجود الملائكة , فلذا نشرع الآن في تقرير كون الإيمان بالملائكة ركنا من أركان عقيدة المؤمن فنقول : لقد ذكر الله تعالى أركان العقيدة الإسلامية في عدة آيات من كتابه وذكر من بينها عقيدة الإيمان بالملائكة وذلك في قوله تعالى : (( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكــة والكتــاب والنبيـن )) ,,, وفي قوله : (( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسـله )) ,,, وفي قوله : (( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيــدا ))
كما ذكر الرسـول صلى الله عليه وسلم في حديث عمر المعروف بحديث جبريل أركان الإيمان الستة وذكر من بينها الإيمان بالملائكة وأقره جبريل عليه السلام على ذلك ,, وصدقه إذ كان هو السائل له في محضر مئات الصحابة وهو في صورة رجل , وبعد انصرافه أعلن الرسـول صلى الله عليه وسلم لأصحابه أن السـائل كان جبـريـل عليه السلام
وبهذا كان الإيمان بالملائكة ركنا من أركان عقيدة المؤمن التي لا تتم إلا به ,, وكان من شـك فيه ,, أو حاول التشـكيك كاذبا لا حظ له في الإســلام ,, ولا مقام له بين المسـلمين ,, لتكــذيبه لله تعالى ,, ورسـوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ولإنكــاره لقضــايـا العقــول ,, ومســلماتـها البـديهيــة
أعـــــداد المــلائـــكة
الملائكة خلق كثير ولا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم قال تعالى : (( وما يعلم جنـود ربـك إلا هــو ))
وقد وردت بعض النصوص التي تفيد كثرة أعدادهم فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء بعد مجاورته إلى السماء السابعة ( ثـم رفع بي إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه آخر ما عليهم ) وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( يـؤتى بجـهـنم يومئـذ لها سـبعون ألـف زحـام ,, مع كل زحـام سـبعون ألف ملك يجرونـها ))
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ قال لهم : (( تسمعون ما أسمع ؟ قالـوا : ما نسمع من شيء ! قال : إني لأسـمع أطيط السماء وما تلام أن تئط وما فيها شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم )) | |
|
الجمعة 02 أكتوبر 2009, 9:15 pm من طرف AHMED MANGESTO