السلام عليكم و رحمه الله و بركاته / ..
1ـ إنه الوجع الجميل،
وجع تحويل الظلمة إلى نور، واليأس إلى أمل، والمخاض إلى ولادة،
والموت إلى حياة.لم يمتعني شيء في حياتي مثلما أمتعتني الكتابة،
ولم يتحملّني أحد مثلما تحملتني، ولم يعطني أحد مثلما أعطتني،
لقد أعانتني الكتابة في حياتي،حملتني وتحملتني، منحتني الكثير
مقابل إخلاصي ووفائي لها.
2 - صحيح أن الكلمة في عالم الأدب ليست من العظم
أو الرصاص والكبريت،
لكنها إذا استخدمت في المكان والوقت المناسبين فإنها تكسر العظام
وتخترق السفن وتغرقها وتصهر الحديد وتحرق كل ما هو هش يابس.
الكلمة هناك..
في عالم الأدب تقتل وتحيي.. ترفع وتخفض، تطيل العمر وتقصّره..
يطلقها فم صغير لتعبّر على الورق، عمّا هو أكبر وأرفع
من حجم الفم، وصاحب الفم.
إنها قوية وخطيرة،
وخطورتها تكمن في معناها وتوظيف ذلك المعنى في المبنى الصحيح.
والإقلال من الكلام في المجالس مع جديته أفضل من الإكثار منه
مع هزله وسخافته. وفي العمل الأدبي يُفضّل أن يكون الكلام كالدواء ،
إذا أقللنا منه نفع، وإذا أكثرنا من تناوله ضّر وقتل.
3-إن قامة الكلمة كبيرة
إذا دعت إلى الحق والإبداع والعدالة والحرية والمساواة، وتصبح هزيلة قليلة الشأن إذا استخدمت للدعوة إلى الباطل والزيف والتضليل والتزمير. إنها ذات حدين، كالفأس تماماً. منهم من يستخدم ذاك الفأس لتقليم الشجر ليجعلها أكثر عطاء ونماءً.. ومنهم من يستخدم الفأس ذاته لقطع الأشجار
وكسر الحجر.. وقتل البشر.
الكلمة عين
، وللعيون أنواع، منها الجميلة، العميقة التي تنظر إليك فترى
حتى ما في داخلك بوضوح، ومنها العيون البليدة..
(المسطّحة.. تلك التي تنظر إليك، ولا تراك).
وكلما اجتهدنا في البحث عن الكلمة الطيبة المبدعة وجدناها
بانتظارنا، وهي تشبه في ذلك الحظ، فالحظ يجب أن نذهب نحن إليه لا أن ننتظره فوق كرسي هزاز من ريش النعام. واللغة تُعطينا حسب اجتهادنا وعملنا فيها وعليها، كالأرض التي نعمل فيها موسماً كاملاً بجد وإخلاص، فتكفينا مواسم، وترد لنا الأجر مضعّفاً.
4- وحين تكون الكلمة دنيئة متملقة،
يكون سعرها رخيصاً كسعر القلم الذي كُتبت به.. وعندما تكون صادقة ومعبّرة وقادمة من فكر حر وقلب شجاع،يصبح سعرها غالياً،
ويتحّول القلم الذي كُتبت به إلى قبيلة من الرجال.وليس أدل على بلاغة الكلام من أن يعبر صاحبه بمختصر مفيد عما يرغب ويريد،
دون شرح أو تطويل وتـذييل. فكثرة الكلام - في أي مكان - دون أن يكون له أهداف ومعان كقلّته، فالمبالغة أحياناً في الشيء تقلبه إلى ضده، وكثرة شحذ الخنجر سوف يؤدي إلى عكس ما نريد. فخير لنا ولعقولنا
أكل تفاحة جيدة من تناول كيس من التفاح الرديء.
إن الكلمة كالقمح...
يجب طحنها جيداً قبل عجنها وسكبها على الورق.. ولا يُستحسن النطق بها إلا إذا تـذوقها الرأس واختمرت في القلب. فالعجين غير الناضج والمختمر جيداً يُنتج بالضرورة خبزاً مذاقه مر.
السبت 07 نوفمبر 2009, 10:56 am من طرف AlGeRieN