كن مفتاحا للخير مغلاقا للشر
الحمدُ لله وكفى , وسلامٌ على عباده الذين اصطفى , وبعدُ
نحن - معشر البشر- غرباء , عابرو سبيلٍ في هذه الدنيا , وعمَّا قريبٍ لابدَّ من الرحيل إلى الحساب بين يدي الله تعالى , فهل نقضي هذه الحياة فيما لا ينفعنا ويعود علينا بالخير ؟!
أخواني الأفاضل :
.. فإياكَ أنت تكون مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير .. فأنت على ثغرة .. فإيّاك إيّاك
أنتم تمثلون الإسلام في عيون الآخرين
.. فَدَعْوا عنكم الكِبْرَ , والعصبيةَ , والهوى , والإعجابَ بالرأي
روى ابنُ ماجه - رحمه الله تعالى - في سُننه 237 من حديث أنس بنِ مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنّ من الناسِ مفاتيحَ للخيرِ , مغاليقَ للشرِّ , وإنّ من الناسِ مفاتيحَ للشرِّ , مغاليقَ للخيرِ ؛ فطوبى لمن جعل الله مفاتيحَ الخير على يديه , وويلٌ لمن جعل الله مفاتيحَ الشرِّ على يديه ! )) .
وله شاهدٌ عنده 238 من حديث سهل بن سعد ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن هذا الخير خزائن , ولتلك الخزائنِ مفاتيحُ , فطوبى لعبدٍ جعله الله مفتاحاً للخيرِ , مغلاقاً للشرِّ , وويلٌ لعبدٍ جعله الله مفتاحاً للشرِّ , مغلاقاً للخيرِ )) . وهو حديثٌ حسنٌ لغيره كما في الصحيحة 1332 , وظلال الجنة 297-299
أخواني الأفاضل :.
الأصلُ فيمَن يطرق الإسلامُ ؛ فحقُّه عليك : الرفقُ به ولينُ الجانب ؛ ففي الصحيح منْ حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن اللهَ رفيقٌ , يحبُّ الرفقَ في الأمرِ كلِّهِ )) , (( ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنفِ )) , (( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانَهُ , ولا ينـزع من شيء إلا شانَهُ )) .
وفي الصحيح أيضاً من حديث جريرٍ - رضي الله عنه - مرفوعاً : (( مَن يحرم الرفقَ يحرم الخير )) زاد أبو داود (( كلَّهُ )) .
وعن أنس مرفوعاً : (( بشروا , ولا تنفروا )) رواه الشيخان .
وقال - عليه السلام - للأشجِّ - رضي الله عنه - : (( إن فيك لخصلتين , يحبُّهما اللهُ ورسولُه ؛ الحلمُ , والأناة )) رواه مسلم .
وقال - عليه السلام - : (( عليكَ بحسنِ الكلامِ ! )) الصحيحة 1939
وقال أيضاً - صلى الله عليه وسلّم - : (( أَطِبِ الكلامَ )) رواه البزار
أخواني الأفاضل :
عليكَ بالرفقِ .. إذا ما أردتَ أن تردَّ على أخٍ في أيِّ طرحٍ له , رأيتَه مخالفاً لِمَا تراه , فارفقْ به , وإياكَ والتعنيفَ .. لا تعالِجِ الخطأَ بالخطأ , عالجْه بالتصويب مصاحباً الحكمة .
أخواني الأفاضل :
هل رأيتَ طبيباً يسيء الأدبَ إذا ما أساء المريضُ أدبَه معه ؟!
أخواني الأفاضل :
تبوأتَ مقامَ الترشيد , وبذلك تكون قد أثقلتَ كاهِلَك , فعليك أن تتحمل مسؤوليةَ الإرشاد
أخواني الأفاضل :
لستَ الذي لا يخطئ ؛ فكلُّنا ذوو خطأ .. ومَن ذا الذي ما ساء قط .. ومَن له الحسنى فقط ؟
يؤلمني وكلُّ غيور , ما نراه من مشاجراتٍ كلامية , لا داعي لها .. حتى تصل إلى الملاعنة .. فهل هذا من أدب الإسلام ؟
هذا وراء الشاشات والمفاتيح , فكيف إذا كان الأمر معاينة ؟!
أليس انتم جيل للإرشاد .. فَعَلامَ الشدّةُ والقسوةُ والمفاصلةُ ؟!
كأنك أوتيتَ علمَ الأولين والآخرين , وأنتَ لَمَّا تبلغِ الحلمَ في العلم !
أخواني الأفاضل :
لماذا أنتَ المصيب دائماً ؟ .. لماذا لا تقبل النصحَ من الآخرين ؟ .. لماذا تظن سوءَ الفهم وقصورَ العلم في الآخرين ؟
أخواني الأفاضل :
أمَا قرأتَ قولَ الله تعالى : (( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )) سورة التوبة 128 أمَا سمعتَ قولَ الله تعالى فيما يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربِّه - جلّ وعلا - في الحديث الإلهي : (( ورحمتي سبقت غضبي )) ؟
أخواني الأفاضل :
كُنْ رحيماً .. رفيقاً بإخوانِكَ .. وإلا .. دعِ الخلقَ للخالق !
أقول هذا تحذيراً لمن لَم يقع فيه .. وأقوله تنبيهاً لمن وقع فيه أو يوشك أن يقع فيه .. ولا أبرئ نفسي .. فأنا أسير الخطايا .. فكَّ اللهُ أسرَنَا .. فالمأسورُ مَن أَسرَه هواه , والمحبوسُ مَن حُبس عنِ الله ..
اللهم ألهمنا رشدَنا , وأعذنا شرورَ أنفسِنا , وشرَّ الشيطان وشرَكِه!
آمين ؛ وصلى الله على سيدنا محمد
الأربعاء 25 نوفمبر 2009, 2:10 pm من طرف jasmin