بسم الله الرحمن الرحيم
نبداء
دخل خالد الامتحان نظر إلى الورقة ثم نظر ثم عبس واكفهر أجاب على ما يعرف وخمن ما لا يعرف وترك منها أكثر مما كتب
شعر بتحد المعلم له و وقوف الظروف أمامه والمثبطين من خلفه فأظلمت الدنيا ببياض تلك الورقة التي أسرته خلف قضبان الفشل ...!
سلم ورقته يصارع دمعته سلم ورقته وكأنه يسلم ورقة إدانته بالقصور والضعف والفشل
خرج من القاعة بعد أن خرجت طموحاته من عقله وزفراته من قلبه
خرج وقد أعد حقيبة سفره من عالم التميز و عالم الأذكياء و عالم الناجحين
أخرج نفسه قبل أن تخرجه معايير المجتمع وتوارى بعيداً قبل أن تجرحه نظرات الآخرين وتحرجه كلماتهم
خرج مكرهاً بسيف التصنيف المتخبط الحائر وسوط التقييم الجائر
خرج خالد وهو يردد أنا غبي أنا قاصر أنا لا أستطيع أنا هكذا لا يمكن أن أملك عقل أحمد الطالب الذكي العبقري الفذ الذي أحرز درجات عالية في معظم المواد
خرج ليبحث له عن مكان بين الركام بعيدا عن قمم الأذكياء
خرج ليجد بين الركام أعداد هائلة من الطلاب الذين أقصاهم المجتمع بمطرقة الموهبة والتفوق والامتياز وسندان الضعف وعدم الاجتياز
لست ضد فكرة الفروق الفردية وليست أنكر تباين العقول ولكنني ضد التصنيف الجائر الذي يضيق واسعاً وضد اعتبار النجاح الحقيقي في التحصيل الدراسي فقط
ولا يخفى على مطلع قصور مناهجنا عن تلبية الاحتياجات المتغيرة ومخاطبة الذكاءات المتعددة
فكيف لنا أن ننساق خلف ثقافة تجعل التحصيل الدراسي دليل غباء وذكاء وفشل ونجاح وقدرة واستحالة
وقد أثبتت الدراسات أن المتفوقون دراسياً الذين يعتمدون على القص واللصق والتلقي والتفريغ لا ينجح منهم في الحياة سوى 3% فقط
وفي دراسة في ولاية كالفورنيا عام 1921 هـ شملت 250 ألف طالب أجري لهم اختبار الذكاء iq فلم يصل إلى درجة الموهبة سوى 1470 طالباً فقط وبعد مرور 40 سنة تم تقصي أخبار هذه المجموعة العبقرية فكان أقصى ما وصلوا إليه أن كان أحدهم سياسي في إحدى المجالس البلدية والآخر كاتب شبه معروف
بينما تمكن اثنان ممن تم إقصاؤهم من زمرة العباقرة من الحصول على جائزة نوبل ..!
وقد حدثني أحد الأساتذة الجامعيين أن أكبر تحدٍ يواجههم هو في نوعية المحاضرين المعيدين الذين يتقون البحث والقراءة والكتابة ويخفقون في كل مهارات الحياة الأخرى
ينبغي أن نشعر الطلاب أن النجاح الحقيقي لا يقتصر على حفظ تعريف أو فهم معادلة وإنما أن يتبع ذلك جودة في الاتصال والتعامل والخلق ويعلن لهم أن ما حصلوا عليه من درجات في شهاداتهم لا يقيس قدراتهم ومستوى عقولهم بل يقيس ما بذلوه من جهد في التحصيل
( درجاتي ليست دليل قدراتي وإنما حصيلة اجتهادي )
عبارة لو استقرت في عقول الطلاب لما اتهم أحد نفسه بالقصور ولما سمح لأحد أن يتهمه بالغباء بمجرد إخفاقه في وريقات لا تعكس حقيقة ما يحويه ما تحت قبعته وبين أذنيه
مقال أوجهه لخالد ولمن يشعر بمشاعر خالد
مقال لا يدعو للكسل ولا يسوغ للمقصر ولا يهون على المخفق وإنما يزيح التراب عن طريق آخر للنجاح في الحياة غير طريق الشهادة الدراسية والتي تعد الطريق الأقصر وربما الأيسر للنجاح ولكنها أبداً أبداً أبداً ليست الأوحد أو الأفضل
خالد انطلق من جديد فشهادتك ليست ذاتك انطلق فكل ميسر لما خلق له انطلق فالفرص كثيرة والخيارات متعددة والله سبحانه رحيم بك كريم عليك عليم بما يصلح لك فأحسن الظن بربك واسع جاهدا فوق أرضه وتحت سمائه
الخميس 04 مارس 2010, 4:51 pm من طرف Mr-MiDo