نجت من الانتحار.. لتكتشف سر السعادة
الجزائر – د.أميمة أحمد
لأن سعادة الانسان في يده، لذا لم تستلم خديجة الجزائرية ابنة الثلاثين ربيعًا لفقد عائلتها بالكامل في حادثة إرهابية في الجزائر، وقررت أن تصنع مستقبلاً أفضل لنفسها، ولابنتها الصغيرة ذات الوجه الملائكي.
عندما التقيتها تعجبت كثيرًا من السعادة التي تبدو على وجهها خاصةً أن بلدًا مثل الجزائر تجد وجوه الناس في الشوارع غاضبة بسبب تردي الأحوال المعيشية.
خديجة اكتشفت مفاتيح السعادة من رحم العذاب، لدرجة أنها بلغت حد الانهيار النفسي، وفكرت مرارًا أن تنتحر لتتخلص من حياتها التي أصبحت فيها بمفردها كما تقول لمراسلة mbc.net في الجزائر.
لكنها استطاعت أن تتجاوز هذه الفترة العصيبة التي دامت سنتين، بعد أن استغفرت ربها على رفضها للحياة، وبنت لنفسها أسرة صغيرة.
بدأت المأساة عندما فقدت أهلها جميعًا في إحدى حوادث العنف التي كانت تجتاح الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، ففي ليلة ظلماء لم تعد ترى أحدًا من أهلها (الأم والأب وخمسة من الذكور).. ماتوا جميعًا ونجت خديجة.
عمرها آنذاك كان نحو عشرين عامًا..تابعت دراستها بالجامعة حيث إن الحكومة تكفلت بأبناء ضحايا الإرهاب، وفرت لهم أشياء كثيرة كالعيش في مركز للفتيات والتعليم وغيرها، لكنها لم توفر لها حنان الأب والأم والقيم الأسرية، روادها الانتحار كثيرًا، لكن في كل مرة كان الله ينقذها.
وجدت خديجة أن مقاومة هذه الظروف لا بد أن تنبع من إيجاد هدف للمستقبل، فصممت على إكمال دراستها الجامعية، ثم بدأت تحلم بتكوين أسرة تمنحها الحب والحنان الذي حرمت منه.
غير أن الموقف الذي بث فيها الأمل هو علاقتها بصديقتها زليخة التي تمر بنفس ظروفها؛ فقد حاولت خديجة أن تمارس معها كل فنون العطاء، فعندما مرضت زليخة كانت تزورها يوميًا في المستشفى، وبعد الشفاء عادا إلى مركز الفتيات فوجدن استقبالاً حافلاً.
الدموع انهمرت من عيني زليخة واحتضنت صديقتها، وقالت لها "راح أهلي وأختي وهؤلاء عائلتي وأنت أختي"، فربتت خديجة على ظهرها إلى أن هدأت، وقالت لها ليس أمامنا إلا الصبر، فلا نستطيع إعادة الذين فقدناهم، علينا أن نعيش الحياة كما هي لا كما نريد.
عندما انفردت بنفسي استغربت كثيرًا من كلامي لزليخة، واكتشفت ساعتها أن العطاء هو سر السعادة، فشعرت بالرضا عن النفس، وتعلمت شعور الرأفة نحو الآخرين من علاقتي مع الناس.
تعلمت أيضًا أن العطاء هو ألا ينتظر الشخص مقابلاً لما يفعله من خير، وأن القناعة هي الرضا، فمن يرضى يعش سعيدًا ومن لا يرضى يعش شقيًا.
هكذا أمضت سنوات الجامعة إلى أن تخرجت، وتحقق الهدف حيث حصلت على ليسانس أدب عربي، وبحكم تمكنها من اللغة العربية صارت تكتب ما عاشته من مأساة، كانت مادة ثرية لكتاباتي الأدبية، ونالت الإعجاب فنشرت بعضها بالصحف مما زادها ثقة بالنفس.
ولم تلبث طويلاً حتى تحقق الحلم بتكوين عائلة، فتزوجت ولم ترزق بالأطفال لسنوات، فصبرت ودعت ربها أن يرزقها، ومع العلاج أعطاني الله "هدية الله" هو اسم ابنتي.
حضنت رضيعتها بحنان مدهش، حمل كل ما عانته خديجة من الحرمان والعذاب والحزن لتعوضه بالحب لابنتها الأولى، التي حققت لها الحلم "العائلة".
الجمعة 26 سبتمبر 2008, 4:42 pm من طرف Moon lover